قال محند العنصر، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، إن “المغرب يعيش على إيقاع ظرفية دقيقة وصعبة، بعد أن عانينا، والعالم من حولنا، على امتداد قرابة ثلاث سنوات، من تداعيات جائحة صحية غير مسبوقة بالنسبة للأجيال المعاصرة، جائحة كانت لها تداعيات اقتصادية واجتماعية ونفسية غيرت أنماط العيش وفرضت البحث عن بدائل جديدة ومبتكرة من أجل البقاء والمحافظة على البنيان الاقتصادي من الانهيار التام”.
وأضاف العنصر خلال كلمته في المؤتمر الرابع عشر لحزب الحركة الشعبية، مساء اليوم الجمعة، أنه “بالنسبة لبلادنا، فقد تمكنت من التصدي لآثار كوفيد-19 بفضل الرؤية الاستباقية للملك محمد السادس، الذي عمل على إحياء قيم التضامن والتآزر التي جبل عليها المجتمع المغربي عبر التاريخ، حيث آثرت كل التدابير المتخذة مع بدء الوباء سلامة وحياة الإنسان على الاقتصاد والبنيان، كما كان الملك سباقا إلى توفير اللقاح لشعبه بالمجان، مما قوى مناعة المواطنات والمواطنين وحصنهم من أخطار مضاعفات الإصابة بالوباء”.
وأشار المتحدث إلى أن “الملك كان في صلب الاهتمامات والهواجس الكبرى للوطن بعد الجائحة، وتبعا للتوجيهات الملكية النيرة، تم إنجاح مخطط الإقلاع الاقتصادي وتشجيع الاستثمار وتحفيز المبادرة الحرة عبر مواكبة المقاولات الصغرى والمتوسطة من أجل توفير فرص الشغل للشباب العاطل، وكذا ترسيخ مفهوم الدولة الاجتماعية الراعية للمواطنات والمواطنين والضامنة لحقهم في العيش الكريم، وذلك من منطلق الإيمان بجعل دروس كورونا فرصة لابتكار البدائل والحلول”.
“كما حرصت بلادنا، على الرغم من إكراهات الجائحة، على احترام مواعيد الاستحقاقات الانتخابية التي مرت في ظروف استثنائية وأفرزت الخريطة السياسية الحالية بما لها وما عليها. ولقد كنا نتمنى، وما نيل المطالب بالتمني، أن يتم تنزيل التوجيهات الملكية على أرض الواقع، لكننا نصطدم اليوم بأن قطار الوعود الانتخابية لم يقلع بعد من محطة الانطلاق، بل أكثر من ذلك، تسبب وقوفه الغريب وغير المبرر في تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لغالبية الشرائح الاجتماعية، بسبب موجة الغلاء المتصاعدة وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، زيادة على أزمة الجفاف وندرة المياه وباقي تجليات التغيرات المناخية”، يردف العنصر.
وواصل الأمين العام لحزب “السنبلة”: “لسنا في حاجة إلى المزيد من تشخيص الواقع لأنه جلي وباد للعيان، بقدر حاجتنا إلى مبادرات وقرارات جريئة قادرة على تخطي إشكاليات هذا الواقع المتسم بتراجع مؤشرات التنمية في مجالات التعليم والصحة والشغل”.
وفي هذا الباب، يورد السياسي ذاته، “فإننا في الحركة الشعبية عازمون، من أي موقع كان، على الإسهام في أي مجهود وطني لتجاوز مسببات الأزمة، عمادنا ومصدر قوتنا في ذلك ما راكمه حزبنا من رصيد وطني وتعلق بالثوابت والمؤسسات منذ خرج إلى الوجود في نهاية خمسينات القرن الماضي رافعا شعار الحرية والوفاء لقيم تمغرابيت، رافضا كل الرياح، شرقية كانت أو غربية”.
وبالنسبة لقضية الوحدة الترابية للمملكة، قال العنصر إنها “عرفت تسجيل انتصارات دبلوماسية متوالية، تجسدت على وجه الخصوص في اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المغرب على كل أراضي أقاليمه الجنوبية، وبفتح العديد من الدول قنصليات لها بمدينتي العيون والداخلة، وسحب أخرى اعترافها بالكيان الوهمي”.
وأشار العنصر إلى أن “الأعوام الأربعة الماضية عرفت مشاركة حزبنا بشكل مشرف في تدبير الشأن العام الحكومي، حيث كانت حصيلة وزرائنا جد إيجابية في قطاعات التربية الوطنية والتكوين المهني والبحث العلمي، وإعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، والثقافة والاتصال، والتنمية القروية والمياه والغابات، ولا تزال نتائج هذا الإسهام بادية للعيان ولا ينكرها إلا جاحد”.
وسجل العنصر “أننا اليوم أمام نظام عالمي جديد يتشكل وفق قواعد جديدة لا حيز ولا مكان فيها للانعزالية والبقاء في الهامش خارج سياق التغيير.
كما أن الطفرة التكنولوجية في مجال التواصل فتحت أعين الشباب على العالم، فتهاوت محددات الانتماء وأصبحنا أمام مواطنين كونيين citoyens universels، توحدهم نفس الطموحات والآمال في اقتسام ثروات الأرض وفي ضمان العيش الكريم لكل البشر مهما تباينت الجغرافيا واختلفت اللغات والألوان والأعراق”.
وأضاف: “كحركة شعبية، تفرض علينا هذه المتغيرات تجديد الخطاب وجعله يتجاوب مع متطلبات ومستلزمات الأجيال المغربية الجديدة. نعم للتاريخ قيمته، لكنها ليست كل شيء؛ إذ لا يمكن بتاتا بناء كل حاضرنا واستشراف كل مستقبلنا على الماضي وحده”.
وطالب المتحدث بـ”الشجاعة والجرأة والاعتراف بأن بعض أساليبنا في السياسة والاستقطاب أصبحت متجاوزة وغير ذات جاذبية. فمغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس، ومغرب الغد سيكون مختلفا ونريده متألقا وزاهرا”.
وختم العنصر بأن “الأعضاء مطالبون، وبشكل استعجالي، بتحديد الأولويات والقفز على سفاسف الأمور والخطابات المستهلكة. شباب اليوم ومواطنو اليوم يريدون وصفات جاهزة وعملية لكل الإشكاليات والمعضلات، يريدون رؤية الإنجاز بالملموس، ويريدون أن تنعكس مليارات الاستثمارات التي تروج إعلاميا على معيشهم اليومي”.
#العنصر #أساليب #السنبلة #في #السياسة #متجاوزة #وعود #الحكومة #لم #تتحقق