فرجة استثنائية، مع جمهور استثنائي في ليلة استثنائية ستظل عالقة في الاذهان إلى الأبد. ففي ليلة الثلاثاء 6-12-2022، تحق الإنجاز التاريخي غير المسبوق. دحر الفريق المغربي الفريق الإسباني الذي يعد من كبار المنتخبات الأوروبية. نعم تمكن المنتخب المغربي من تحقيق المفاجأة وانتصر على فريق من أعتى الفرق الكروية في العالم. كثيرون اعتقدوا ومنهم المدرب السابق للمغرب هرفي رونار أن المغرب لن يستطيع تجاوز الفريق الإسباني، وأن نهاية مشاركته في “المونديال القطري” ستكون على يد فريق “الماتادور”. لكن الفريق الوطني المغربي بقيادة الفنان وليد الركراكي، كذب توقعات رونار وكل من يكان يتبنى رأيه وفاز في المباراة الرائعة التي جمعته بفريق جيراننا الإسبان.
منذ سنة 1986 لم يتمكن المغرب من إعادة ما أنجزه رفاق بادو الزاكي. لم يتمكن أيضا أي فريق عربي آخر من تجاوز الدور الأول، كأن المرور إلى الدور الثاني محرم على العرب والأفارقة بقوة القانون. فوز المغرب ومروره إلى مرحلة الثماني الكبار، كان ولا يزال حدثا استثنائيا بكل المقاييس. ومن الصدف الجميلة، أن ما حققه الفريق المغربي تم على أرض أول دولة عربية تنظم “المونديال”. هذا الفوز الرائع هد أركان الفشل الدائم الذي كان يجعل الفرق العربية والإفريقية تقصى مبكرا من منافسات كأس العالم.
بفوزه الرائع حقق الفريق الوطني شيئا آخر جميلا ورائعا، وهو إدخال الفرحة على قلوب الجماهير المغربية. جماهير لم تفرح منذ زمن بعيد، فجائحة كرونا وانحسار الجفاف، والغلاء المستشري، كلها عوامل، حرمت المغاربة من الفرح لزمن طويل، وجعلت القلوب تكاد تنفطر.
الفرحة التلقائية التي عبر عنها المغاربة إثر كل فوز، وخاصة بعد فوز الفريق المغربي على الفريق الإسباني، كانت بلا حدود ولا ساحل. من الشيوخ حتى النساء والأطفال، الكل هب عن بكرة أبيه للخروج إلى الشوارع للتعبير عن فرحة كانوا يطنون أنها مستحيلة. فرحة نزلت عليهم كما نزلت شآبيب الرحمة هذه الأيام أمطارا من السماء، لتروي الأرض، وتفرح القلوب، التي قلما عرفت الفرحة.
وصول المغرب إلى مرحلة الربع بقيادة الركراكي، لا بد أن نستخلص منه دروسا مهمة. من بين أهم الدروس الواجب استنتاجها من قبل الجامعة المغربية خاصة، أن المدرب الوطني لا يقل كفاءة وخبرة عن أي مدرب دولي. موضة جلب ناخبين أجانب من مختلف أصقاع الأرض، ومنحهم الأموال الطائلة والامتيازات التي لا حصر لها، ها هو الركراكي يؤكد أنها خيار خاطئ.
بفضل إرادة “الأسود غير المروضة” وخبرة مدربهم المحنك، وحبهم لوطنهم ورغبتهم في إسعاد الناس، تبدد غيوم اليأس وتحطم أسطورة أن العرب والأفارقة غير قادرين على تجاوز الدور الأول من أي “مونديال”. الدرس الثاني الواجب استخلاصه من هذا الفوز، هو أننا إذا ما وفرنا الشروط والدعم والثقة للناخب الوطني، وتركناه يشتغل دون إملاءات فإن المستحيل يصبح ممكنا، بدليل ما تحقق ويتحقق أمام أعيننا اليوم.
الإنجاز الآخر الذي حققه الفريق المغربي وهو إنجاز جد مهم، هو أنه أنهى عقدة ومفهوم الفرق الكبرى والصغرى، لم يعد هناك فريق كبير وآخر صغير. كل الفرق سواسية أمام الكرة. لن نستغرب منذ اليوم إذا فاز الفريق المغربي في المباريات المتبقية، فقد أصبحنا لا نحلم بالكأس، بل أصبح وبأمل موضوعي هدفا ممكن الوصول إليه حتى ولو لم نفلح في نيله. لدينا فريق رائع متكامل ومدرب متمكن من مهمته ومهنته، وكما يقال كل شيء ممكن مع الكرة.
لا يسعنا في الختام سوى أن نهنئ أنفسنا جميعا من طنجة حتى لكويرة بما حققه الفريق الوطني في قطر، وما حققه في بلادنا من فرحة جماهيرية ستظل خالدة في القلوب والأدهان. مع متمنياتنا القلبية بأن يفوز الفريق المغربي الرائع في كل المباريات المتبقية بإذن الله.
#المغرب #يدخل #التاريخ