بعد سنة على تعليق الجزائر معاهدة التعاون مع إسبانيا.. ميزان الأرباح والخسائر

مرت سنة كاملة على قرار تعليق الجزائر معاهدة الصداقة والتعاون التي تجمعها مع إسبانيا، وذلك بسبب موقف الأخيرة من مخطط الحكم الذاتي بالصحراء المغربية.

القرار الذي أصدرته الرئاسة الجزائرية، جاء خلال اجتماع للمجلس الأعلى للأمن، برئاسة عبد المجيد تبون، الذي أدان وقتها “الموقف الإسباني” واتهم حكومة سانشيز بـ”الانحياز للمغرب”.

الآثار الاقتصادية على العلاقات بين البلدين أضرت بالشركات الإسبانية، إذ انخفضت نسبة صادرات الجارة الشمالية إلى الجزائر بنسب كبيرة فاقت 90 بالمائة، في وقت حافظت فيه صادرات الغاز الجزائرية إلى إسبانيا على حجمها.

وتجد الحكومة الإسبانية قرار تجميد العلاقات من قبل الجزائر أمرا “مؤسفا” و”غير منطقي”، في وقت أشارت فيه صحف إسبانية فور إعلان الجزائر عن قرارها إلى أن “الأمر يعد تدخلا في سيادة قرارات الديبلوماسية الإسبانية”.

التعليق دليل على التورط

ويعد إصرار الجزائر على “تجميد” العلاقات مع إسبانيا “دليلا قاطعا” على “الدور المركزي الذي يلعبه قصر المرادية في تأجيج الخلاف في قضية الصحراء المغربية”، بحسب محمد الغواطي، أستاذ القانون العام والعلوم السياسية بكلية الحقوق بسلا، الذي بيّن أن “السياسة الخارجية الجزائرية حريصة على إبقاء الوضع على ما هو عليه في نزاع الصحراء المفتعل”.

وأضاف الغواطي، في حديث لهسبريس، أن “التعاون الوثيق بين إسبانيا والمغرب، والتحول الجذري في العلاقات بين الطرفين منذ إعلان سانشيز دعم مخطط الحكم الذاتي، أغضب النظام الجزائري، وجعله يبحث عن شتى الوسائل لعرقلة هذا التعاون”.

وأردف بأن “إسبانيا لها مسؤولية تاريخية تجاه قضية الصحراء المغربية، وموقفها من الحكم الذاتي يندرج في سياق وفائها بهذه المسؤولية التاريخية الثقيلة”.

واعتبر المحلل السياسي والقانوني ذاته أن “تعليق الجزائر معاهدة التعاون والصداقة مع إسبانيا، سيضر بمصالح الدولة الجزائرية، وليس بمصالح إسبانيا”، مشيرا في المقابل إلى أن “الديبلوماسية المغربية تختلف عقيدتها عن نظيرتها الجزائرية، وتضع المصالح الاقتصادية بعيدا عن النزاعات السياسية، إذ تحرص على التعاون والاحترام التام”.

وخلص المصرح لهسبريس إلى أن “الرباط ملزمة بتقوية جبهتها الداخلية حتى تزيد من قوة نظيرتها الخارجية التي بدأت تحقق نتائج ملموسة عبر وضع خيار الحكم الذاتي كحل وحيد للنزاع بتوافق دولي واسع”.

ورقة ضغط

من جانبه، أفاد نبيل دريوش، محلل سياسي مختص في الشأن الإسباني، بأن “العلاقات الجزائرية الإسبانية ليست بقوة وتاريخ العلاقات بين المغرب وإسبانيا، إذ نجدها قائمة أساسا على عقود الغاز التي تستعملها الجزائر ورقة سياسية للضغط عل إسبانيا خصوصا في ملف الصحراء ضمن استراتيجية خلق المشاكل بين الرباط ومدريد”.

وأضاف دريوش، في حديث لهسبريس، أن “الأزمة الأخيرة بين المغرب وإسبانيا جعلت مدريد تعيد حساباتها وترتب أوراقها وتدرك أن الرهان على المغرب استراتيجي، وأن حجم المصالح أكبر بكثير، ولا يمكن التضحية بها من أجل الحصول على امتيازات في مجال الطاقة توظف عكس مصالحها”.

“هذا التوجه ينطبق أيضا على اتفاقية “لصداقة وحسن الجوار بين الجزائر وإسبانيا التي تم توقيعها سنة 2002، في ذروة الأزمة بين المغرب وإسبانيا، إذ اتجه كل من أثنار وبوتفليقة لخلق محور ضد الرباط وباريس وقتها”، يتابع المتحدث عينه، مبرزا أن “الاتفاقية كانت للصداقة بين الجزائر ومدريد، لكن أيضا لنصب العداء للرباط آنذاك”.

وأكد المحلل السياسي المختص في الشأن الإسباني أن “الجزائر علقت المعاهدة من أجل الضغط على إسبانيا عندما اتخذت موقفها الداعم لخطة الحكم الذاتي بالصحراء المغربية، الأمر الذي يعكس رؤية الجزائر الحقيقية لعلاقاتها مع مدريد، إذ يبعد عنها المنطق الاستراتيجي، ويحظر فيها العداء للمغرب”.

وفي السياق عينه، اعتبر المتحدث أن “فشل الجزائر في تغيير موقف إسبانيا تجاه قضية الصحراء، أمر طبيعي، لأن الدولة الإسبانية تقيس حجم مصالحها وحجم أضرارها قبل تحديد مواقفها وقراراتها، الأمر الذي جعل مدريد تعي أن المغرب بلد استراتيجي ومحوري”.

وخلص دريوش إلى أن “الجزائر ستستمر في تعليق الاتفاقية طالما لم تستجب مدريد لرغبتها في العودة إلى الموقف الكلاسيكي إزاء قضية الصحراء، كما أنها ستأمل في تغير الموقف في حالة فوز الحزب الشعبي اليمين، إذ لديها بعض الأوراق داخله ستحاول لعبها”، مشددا في الوقت عينه على أن “الجزائر لن تنجح، إذ سيحاول اليمين في حالة فوزه تسوية الخلافات مع الجزائر، لكنه أيضا سيحاول بقوة الالتزام بخارطة الطريق المشتركة بين مدريد والرباط”.

#بعد #سنة #على #تعليق #الجزائر #معاهدة #التعاون #مع #إسبانيا. #ميزان #الأرباح #والخسائر

زر الذهاب إلى الأعلى