الثلاثاء 21 مارس 2023 – 10:08
شكل تاريخ 7 أبريل من سنة 2015 منعطفا قويا في مسار التنمية بإقليم القنيطرة، وأخص بالذكر هنا مدينة سوق الأربعاء التي تعتبر المجال الترابي الأكبر بعد مدينة القنيطرة. في ذلك اليوم، أعطى صاحب الجلالة محمد السادس انطلاقة رهان كبير، من خلال المخطط الاستراتيجي للتنمية المندمجة والمستدامة للإقليم 2015/2020. تضمن ذلك المخطط إنجاز جملة من المشاريع والأوراش في مختلف المجالات؛ لكن سرعان ما تبدت المصاعب والمعيقات أمام هذا المخطط الاستراتيجي، على رأسها بعض الإشكالات الإدارية بين المتدخلين الكثر، وصعوبة تصفية وتسوية الوعاء العقاري اللازم لتنزيل المشاريع، لا سيما أمام الوضعية العقارية المعقدة والمركبة بالمنطقة. وكان العائق الثالث هو عدم قدرة الجماعة الترابية لسوق الأربعاء على تعبئة الموارد المالية التي تشكل حصتها في المشاريع والبالغة قرابة 14 مليارا من أصل حوالي 87 مليارا هي القيمة الإجمالية للمخطط.
مما لا شك فيه أنها وضعية شائكة مثل كبة الخيط تتطلب مجهودات جبارة وهائلة لفك العقد والإمساك برأس الخيط الإداري والمالي للوصول إلى التنزيل والأجرأة؛ وهو ما اضطلع به السيد عامل إقليم القنيطرة فؤاد المحمدي، باعتباره رئيس اللجنة التقنية الإقليمية المكلفة بالتنسيق بين تدخلات مختلف الشركاء وتتبع إنجاز المشاريع المبرمجة، فلا تخفى هذه الوتيرة الإجرائية، لا سيما خلال الثلاث سنوات الأخيرة، حيث ظهرت إرادةٌ حاسمةٌ وحثيثةٌ تخللتها اجتماعات ومداولات وتنسيقات لا شك في أنها ماراطونية أفضت إلى إخراج وتنزيل العديد من المشاريع، نذكر من بينها على سبيل المثال لا الحصر: إعادة تهيئة البنية التحتية لبعض الأحياء بالمدينة، تهيئة الحديقة الكبرى، انطلاقة ملاعب القرب بالأحياء، إتمام المركب السوسيو رياضي بأولاد بن اسبع، تجديد شبكة الإنارة العمومية، تعزيز التعليم ما قبل الأولي بالمؤسسات التعليمية، بناء وانطلاقة مدرسة المرينيين، إتمام بناء المسجد ودار القرآن قرب المقاطعة الحضرية الرابعة، بناء مستوصفيين صحيين بحي هند ثم أولاد بن اسبع، إتمام جميع الالتزامات بخصوص البداية القريبة لتهيئة المداخل الثلاث للمدينة وفق تصميم متميز، انطلاق أشغال بناء القاعة المغطاة متعددة التخصصات أمام دار الشباب 3 مارس، تهيئة مقبرة سيدي عيسى، قطع أشواط متقدمة في مشروع تزويد المدينة بالماء من سد وادي المخازن، وغيرها من الشواهد التنفيذية والإجرائية المستمرة والمتواصلة فيما يخص تنزيل المخطط الاستراتيجي أهمها تعبئة الوعاء العقاري لكثير من المشاريع القريبة.
استكمالا لهذه الرؤية الإجرائية والتطبيقية التي تحكمها شروط المواطنة، فإن الغائب الأكبر إلى حدود الآن هو العنصر الثقافي. هنا يصل بنا الحديث إلى معضلة مشروع المركز الثقافي، الذي يقع ضمن المخطط الاستراتيجي ويسعى إلى دعم وتأهيل قطاع الثقافة بالمدينة عبر غلاف مالي يقارب ملياريْ تتدخل فيه كل من وزارة الثقافة والمديرية العامة للجماعات الترابية بوزارة الداخلية والمجلس الإقليمي للقنيطرة والمجلس الجماعي لسوق الأربعاء ما بين مساهمة مالية وتقنية وعقارية ومواكبة. الثابت في هذا الملف العالق هو أن كل التحويلات المالية قد تمت مع تعبئة وعاء عقاري ملائم لهذا المشروع؛ لكن يبدو أن هناك تعديلات طارئة من لدن أحد المتدخلين الأساسيين قد ظهرت، وهو ما تسمح به المادة الـ14 من الاتفاقية التي تمت بين الأطراف سنة 2019.
لم يفتأ صاحب الجلالة يذكر، في أكثر من مناسبة وخطاب، بأهمية تثمين المكون الثقافي المادي واللامادي واعتبار العنصر البشري حجر الأساس في الإقلاع التنموي؛ بل إن الجهوية المتقدمة والمندمجة تبنى على الخصوصيات الجهوية والمجالية للجماعات الترابية التي تعتبر هي النواة الأولى والصلبة في العملية التنموية برمتها، لا سيما ونحن أمام مشروع تنموي جديد جاء لتجاوز هنات النموذج السابق وتطوير التجربة الوطنية تحقيقا للصالح العام. في هذا المقام الوطني، فإني أرفع الرجاء والنداء المواطن إلى السيد عامل الإقليم المحترم من أجل إيلاء أهمية للمركز الثقافي الذي يبقى هو الملاذ للثقافة والبيئة الحاضنة والتعبير عن الخصوصية المجالية والترابية بالمنطقة وإرساء قيم الخير والجمال والمحبة. كما أن الرهان الثقافي والفني يشكل سدا منيعا أمام عبثية الفراغ ومخاطر العدمية، وإن العنصر المتطرف مؤخرا بسوق الأربعاء جرس إنذار لأولي الألباب. وكم سيكون عظيما سيدي العامل المحترم إذا حمل هذا الفضاء الثقافي الرائع اسم محمد زفزاف، كاتب كبير ابن المدينة، ترجمت أعماله إلى 15 لغة عبر العالم كما أن كتبه هي جزء من المناهج الدراسية في العديد من المعاهد والجامعات في أوروبا وأمريكا والعالم العربي، بينما لا توجد في المدينة إشارة وحيدة تدل عليه بأي شكل من الأشكال. إننا، اليوم، أمام معادلة متكاملة لإنجاز ما هو أكثر بخصوص هذا المشروع وكل المخطط الاستراتيجي ما بين عامل حاسم، ومجلس إقليمي عازم وقادر، وسلطة محلية تسمها الحكمة والمواطنة، ومجلس جماعي طموح وساكنة تستحق الأفضل وتتطلع إليه.
#في #انتظار #المركز #الثقافي