بعد أقل من شهر على زيارة جوزيب بوريل، الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية إلى المغرب، وإشادته بالشراكة الاستراتيجية مع الرباط، تعود ماكينة الاستهداف الأوروبي لتضرب سيادة المملكة من جديد بالتلويح بورقة حقوق الإنسان.
وأدانت غالبية الأصوات في البرلمان الأوروبي خلال جلسة عامة الوضع الحقوقي في المملكة، داعية إلى إطلاق سراح المعتقلين على خلفية الأحداث الاجتماعية والصحافيين المعتقلين، وفي مقدمتهم عمر الراضي.
وفور صدور القرار الأوروبي، استنفرت الخارجية المغربية مصالحها الحيوية داخل الاتحاد الأوروبي من أجل تجاوز تبعاته واحتواء كرة الثلج التي باتت تتدحرج أكثر لتمس جوانب الشراكة الاستراتيجية بين الرباط وبروكسيل.
المحلل والإعلامي المغربي مصطفى الطوسة استبعد أن يؤثر هذا القرار على الشراكة الاستراتيجية والاتفاقات البنيوية الموقعة بين الرباط وبروكسيل، “لكن يمكن أن يشكّل تشويشا على هذه العلاقة”.
وقال الطوسة في تصريح لهسبريس: “يمكن لهذا القرار البرلماني أن يمس صورة المغرب على المستوى الإعلامي، لكن هذا لن يتسبب في مراجعة الشراكة الاستراتيجية بين المغرب والاتحاد الأوروبي”.
وشرح المتحدث فكرته بالقول: “هناك فصل واضح للسلط بين البرلمان الأوروبي الذي له الحرية الكاملة في اتخاذ المواقف التي يراها مناسبة لمصالحه، وبين المفوضية المكونة من الدول الأوروبية التي لها مصالح عميقة تتجاوز هذه الفترة المرحلية التي لها علاقة بحدث معين”.
وتابع بأن “جوزيب بوريل أصر على التأكيد على أن المغرب من بين الدول التي يمكن أن تعول عليها المفوضية الأوروبية على المستوى الأمني والاستراتيجي والاقتصادي، ولا يمكن لموقف صادر عن مجموعة أوروبية أن يدفع في اتجاه إعادة النظر في هذه الشراكة”.
لكن الطوسة اعتبر أن “هذا لا يعني أن المغرب يجب أن يظل مكتوف اليدين”، لافتا إلى أن “هذه الحملة موجهة من قبل أوساط أوروبية يزعجها التقدم الذي يحققه المغرب والمواقف التي اتخذها والشراكات التي أبرمها مع الصين وأمريكا وإسرائيل”، داعيا إلى “ردة فعل داخل هذا البرلمان لفضح هذه المؤامرة التي تستهدف المصالح المغربية”.
من جانبه، قال الدكتور عبد النبي صبري، أستاذ العلاقات الدولية في كلية الحقوق أكدال بالرباط، إن “البرلمان الأوروبي وقع في ورطة بمباركة باريس؛ لأنها هي صاحبة هذا القرار. أما البرلمان الأوروبي فقد صوت بالوكالة على هذا القرار الذي يبدو غريبا من حيث التوقيت والأهداف”.
وشدد صبري، في تصريح لهسبريس، على أن “فرنسا لا تريد ترك الرباط تحقق اختراقات جيو-استراتيجية على الصعيد الإقليمي والجهوي، فهي مازالت تنظر إلى العلاقات مع الرباط على أنها مطبوعة بالتبعية، كما أن جميع المعاملات الاقتصادية المبرمة مع الرباط كانت باريس هي الرابح فيها”.
وأقر بأن “المغرب لم يعد تابعا لفرنسا، بل أصبح منافسا لها في إفريقيا والمحيط الإقليمي، وهو ما دفع باريس إلى توظيف البرلمان الأوروبي من أجل تركيع المغرب، بعد فشل ورقة التأشيرات وإعلان إسبانيا وألمانيا دعم الحكم الذاتي في الصحراء”.
واعتبر أستاذ العلاقات الدولية أن “أوروبا هي أكبر خاسر؛ لأنها منخرطة في حرب بالوكالة ضد المصالح المغربية وهي لا تملك سياسة هجومية قوية ولا دفاعية، حيث ترتكز على الولايات المتحدة الأمريكية وتعتمد على الموارد الإفريقية فقط”، متسائلا عن أسباب تجاهل البرلمان الأوروبي الوضع الأمني في تندوف ووضعية المهاجرين في بعض الدول الأوروبية.
وختم صبري بالتشديد على أن “المغرب دولة ذات سيادة وله مؤسسات وقضاء مستقل، ولا يمكن لأي سلطة أن تؤثر في مصالحه الحيوية”.
#هل #يؤثر #قرار #البرلمان #الأوروبي #على #العلاقات #الاستراتيجية #بين #الرباط #وبروكسل