تستعد إسبانيا لرئاسة الاتحاد الأوروبي في النصف الثاني من العام الجديد وسط رهان قاري على تطوير العلاقات السياسية مع المغرب، في ظل التقارب الدبلوماسي والاقتصادي مع أغلب العواصم الأوروبية خلال الموسمين الماضيين.
وتسعى مدريد من خلال هذه الرئاسة الدورية إلى تعميق العلاقات مع الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط، لا سيما الرباط التي أضحت شريكاً استراتيجيا للمملكة الإيبيرية بعد توقيع خارطة الطريق المشتركة بالقصر الملكي منذ سنتين تقريبا.
في هذا السياق، قال نوفل البعمري، باحث سياسي في العلاقات الدولية، إن “الرئاسة الإسبانية للاتحاد الأوروبي التي ستنطلق منتصف هذا العام، ستكون بالتأكيد لصالح تطوير العلاقات المغربية الأوروبية التي باتت أكثر قوة من أي وقت مضى بعد تصفية الأجواء بين المغرب وإسبانيا”.
وأضاف البعمري، في حديث لهسبريس، أن “هذا المستجد سيخدم مسار العلاقة المغربية الأوروبية ككل، والمغربية الإسبانية خاصة، وذلك بعد خطاب بيدرو سانشيز الطموح نحو تصفية كل الملفات التي كانت عالقة بين البلدين بالحوار، وخدمة المصالح المشتركة، سواء السياسية أو الاقتصادية”.
وأبرز أن “الرئاسة الإسبانية ستعزز الموقف الأوروبي الداعم لحل سياسي متوافق بشأنه وفق قرارات مجلس الأمن التي باتت تتبنى مبادرة الحكم الذاتي، مما يعني أن المغرب سيكسب نقطا سياسية من هذه الرئاسة، وستعزز فرص تزايد حجم التبادل التجاري بين الاتحاد الأوروبي والمغرب”.
وأردف الخبير في العلاقات الدولية أن “هذه الرئاسة ستسهم في مواجهة مختلف التحديات المشتركة، ومنها ما يتعلق بمواجهة المخاطر الإرهابية والحركات الانفصالية التي تغذي الإرهاب والتهديدات الأمنية القادمة من جنوب الصحراء، وكذا القضايا المرتبطة بالهجرة والتنمية”.
وخلص البعمري في هذا الجانب إلى أن تلك القضايا “تحظى كذلك بأولوية كبيرة لدى المغرب على مستوى سياسته الخارجية، وهي أيضا تدخل ضمن رهانات أوروبا بشكل عام، وإسبانيا بشكل خاص، لذلك سيكون هناك رهان كبير على هذه الرئاسة لتكون في مستوى تطلعات الجانبين الأوروبي والمغربي”.
من جانبه، أوضح رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة ابن طفيل في القنيطرة، أن “إسبانيا تدرك حاجتها السياسية والاقتصادية إلى المغرب، لا سيما في ظل النقاش الحالي حول ملفات ترسيم الحدود البحرية والإرهاب والهجرة غير النظامية”.
وقال لزرق إن “الواقعية السياسية لقصر المونكلوا دفعته إلى الاعتراف بمبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، ما سيجعل إسبانيا نافذة أوروبية من أجل تعزيز العلاقات الاقتصادية في خضم التحديات التجارية والغذائية والطاقية الناجمة عن أزمة أوكرانيا”.
وذكر الأستاذ الجامعي ذاته أن “مدريد أصبحت واعية تماماً بأهمية المغرب في جنوب البحر الأبيض المتوسط، ما دفعها إلى وضع حد نهائي لنزاع الصحراء المغربية عبر تدعيم الشراكة الاستراتيجية التي عادت بالنفع على مصالح الطرفين بالمنطقة”.
وأشار إلى أن “الرئاسة الإسبانية للاتحاد الأوروبي لن تعود بالنفع على الجزائر التي أرادت التدخل بشكل غير مفهوم في القرارات السياسية للمملكة الإسبانية”، مؤكدا أن “الجزائر تبحث عن أعداء خارجيين مهما كان الثمن بسبب غياب الشرعية الداخلية وتنامي الاحتقان الشعبي”.
وكان وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة دعا في أكثر من مناسبة أوروبا إلى الانخراط في الدينامية الدولية التي أطلقها الدعم الواسع لمبادرة الحكم الذاتي.
#هل #ينخرط #الاتحاد #الأوروبي #في #دينامية #مغربية #الصحراء #بعد #الرئاسة #الإسبانية