الجمعة 9 دجنبر 2022 – 12:32
يبدو أن سنة 2022، أبت إلا أن تبقى محفورة في ذاكرة المغاربة، ليستحضرها من عاشها منا أو حتى من لم يعشها بيولوجيا، في كل حديث سواء باعتبارها سنة محزنة أو مفرحة، ذلك أنه لا أحد منا سيتمكن من نسيان أنه خلال هذه السنة قد عشنا فاجعة الطفل ريان عليه رحمات الله، ولا أحد منا سيتجاوز معطى أنه خلال هذه السنة أيضا، تمكن منتخبنا الوطني ولأول مرة من بلوغ دور ربع النهائي من بطولة كأس العالم لكرة القدم.
لقد أبت سنة 2022، وهي السنة التي أهلّت علينا بفاجعة إنسانية، أصبحت قضية رأي عام وطني ودولي، إلا أن تغادرنا وهي تزف إلينا خبرا سارا مفرحا، صار هو أيضا محط متابعة دولية، وكأنها تعتذر منا على كل ذلك الألم والحزن الذي عشناه في بدايتها مع فقدان ريان، وكأنها على علم واطلاع بصدق عواطفنا وبحالتها المنكسرة التي كانت في حاجة إلى حدث شعبي يفرحنا، ويفرح ريان في روضته.
إن بداية هذه السنة كما نهايتها، جعلت المغرب والمغاربة في حالة هيجان عاطفي لافت، اختلف بين شعور سلبي نتيجة لآثار تلك الفاجعة، وبين شعور إيجابي تفاعلا من إنجازات المنتخب الوطني، وإذا كان هاذين الحدثين يتموقعان على طرفي نقيض، بالنسبة لشعور المغاربة، إلا أنهما يلتقيان في مجموعة من القواسم المشتركة منها :
تعاطف الدولي كبير ولا سيما بالعالم العربي والإسلامي : إننا نلاحظ اليوم بمناسبة تأهل منتخبنا الوطني إلى دور ربع النهائي من بطولة كأس العالم، كيف أن العديد من وسائل الإعلام تغطي هذا الحدث باعتباره إنجازا تاريخيا، وفخرا للعديد من الدول الطامحة إلى مجابهة كبار هذه الرياضة، وكيف أن العديد من سكان العالم، وعلى الخصوص سكان العالمين العربي والإسلامي، قد التفوا حول المغرب، والتحفوا رايته، ورددوا شعاراته مع جمهوره، داعمين ومساندين له في هذه البطولة، على اعتبار أنه ممثلهم الأول فيها، وهي مشاهد عشنا مثيلاتها مع وقائع وأحداث فاجعة الطفل ريان شهر فبراير الماضي، الذي بقي عالقا في بئر على عمق أزيد من ثلاثين مترا لمدة خمسة أيام قبل إعلان وفاته، بالرغم من كل الجهود الكبيرة التي ميزت عملية إنقاذه، حيث عرفت قضية ريان وطيلة مدة عملية الإنقاذ، تعاطفا دوليا كبيرا، وعرفت تغطية إعلامية مهمة، انتهت برثيه من طرف العديد من المسؤولين الحكوميين، وغير الحكوميين والسياسيين والرياضيين والفنانين.
ترابط شعب وملك : نتذكر جميعا المجهودات الجبارة، التي بذلتها السلطات المغربية في عملية إنقاذ الطفل الريان، وهي العملية التي جعلت المغرب واحدا من بين أحسن الدول التي تعاملت مع مثل هذه الفواجع، نتذكر أيضا كيف قبضت قلوب كل المغاربة خلال كل أطوار عملية الإنقاذ، وكيف أصبحت قضية ريان نقطة واحدة ووحيدة في كل نقاشاتهم، بل على رأس جميع اهتماماتهم، كما نتذكر المتابعة الملكية لهذا الحدث المأساوي، منذ أولى عمليات التدخل إلى حين إعلان الديوان الملكي عن وفاة الطفل ريان متأثرا بجراحه، ليدخل المغاربة في حالة حداد جماعي، وحزن جماعي، نتذكر كل هذا، ونحن نعيش اليوم حالة من الفرح الجماعي أيضا، حيث أنه ومباشرة بعد انتصار المغرب في مباراته أمام إسبانيا، عجت كل ساحات وشوارع المملكة بالمغاربة، وهم مزينين باللونين الأحمر والأخضر، ليهتفوا فرحا عاش المغرب، حيث شاركهم ملك البلاد فرحتهم، أجل خرج الملك محمد السادس أيضا بعد انتصار المغرب، خرج وهو يرتدي قميص المنتخب الوطني مثل أبناء شعبه، وفي يده علم وطني يرفرف به فرحا وانتشاء، في صورة بليغة للعلاقة الوطيدة بين هذا الملك وشعبه.
شكرا إذن لسنة 2022، وشكرا للمنتخب الوطني، وشكرا لكل المغاربة الذين يبينون في كل مرة، أنهم كرجل واحد، في توادهم وتعاطفهم، وشكرا للملك محمد السادس الذي يبين دائما أنه جزء من ذلك الرجل، والرحمة على روح ريان الطاهرة.
#سنة #حزن #تلاه #فرح